Find Us OIn Facebook

 

روبرت دي نيرو في مشهد من فيلم سائق التاكسي
كتب : محمد عادل 

سائق تاكسي Taxi driver   1976

ناظرا إلى المرآة في تعجب.....شاردا و ساهما ...سائلا في ذهول و هو يشهر سلاحه الناري:

هل تكلمني؟

عندما تستبد الوحدة و الأرق يكون مصير ضحيتها مثل صاحبنا (ترافيس بيكل) الذي يقدم دوره العظيم (روبرت دي نيرو) ، سائق التاكسي البسيط الذي كان مجندا في الجيش الأمريكي في فيتنام....الذي يصل الليل بالنهار تحت سطوة الأرق المميت نتيجة الإصابة ب(مرض الكرب التالي للصدمة النفسية PTSD)،و المدمن على مشاهدة دور عرض الأفلام الإباحية ، يقرر أن يعمل سائق تاكسي ليلا ؛لأنه لا يستطيع النوم في الليل ، ليكن و لكن لماذا ؟!!...لماذا وصل به الأمر إلى هذا الحد؟!

تبدأ الحكاية ببطل الفيلم (ترافيس بيكل) الذي يسعى لطلب رخصة لقيادة التاكسي و يحصل عليها بالفعل و تظهر الكاميرا ببطء و هو على عجلة القيادة مع لقطة (close up) في إبداع مدهش من المخرج

فأنت لا ترى شيئا في بداية الفيلم سوى عينين ترافيس بيكل التي تعكس اشمئزازه و ازدراءه لمدينته نيويورك التي غرقت في تيار متلاطم من الفساد و الجريمة و الدعارة و الانحلال فتقرأ في عينيه كل هذه المعاني في مشهد واحد مع موسيقى هادئة معبرة عما يجيش في صدر ترافيس.

لا ينام ليلته كالعادة نتيجة قسوة الوحدة و الأرق ، ثمة أشياء أخرى لا يريد الإفصاح عنها.

تدور الأحداث حتى يتعرف على فتاة اسمها(بيتسي) إحدى المتطوعات في الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي (تشارلز بلنتاين) مقتحما عليها مكتبها ليتطوع في الحملة ثم يطلب منها الخروج معه لتناول فنجان قهوة، فتوافق ثم يذهب معها ليأخذها بعدها إلى إحدى دور العرض الأفلام الرخيصة التي يتردد عليها ، الأمر الذي أغضبها بشدة و تقرر أن تنسلخ عنه نهائيا ، ثم يرسل لها باقة ورد لإرضائها فترفض ..فيذهب لمكتبها و يقول لها صائحا

_ أنتِ في الجحيم ...و ستموتين في الجحيم!

يقرر بعد ذلك أن يتخلص من فساد مدينته البائسة ، فيبتاع أسلحة مستعيدا أمجاده في فيتنام و يبدأ برنامجا للياقة البدنية و يركب اختراعا في كُم ملابسه ؛ ليشهر سلاحه عند اللزوم ثم يتوحد مع نفسه أكثر عندما يخاطب نفسه في المرآة قائلا في مشهده الأشهر:

_ هل تتكلم معي؟!!

ثم بعد ذلك يحلق رأسه مثل قبائل الموهو المنتمية إلى الهنود الحمر(السكان الأصليين للولايات المتحدة الأمريكية)..


و يقرر أن يغتال (بلنتاين) بعدما يكتشف زيفه و غشه ..فيقف ساخرا، ترتسم الابتسامة على شفتيه في لامبالاة ، ولكن عندما يضع يده في جيبه ليخرج سلاحه يلاحظ حرس المرشح الرئاسي ، ليهرب بعدها منهم دون أن ينالوا منه....


و في غمرة الأحداث اللاهثة ، يتعرف على فتاة اسمها (آيريس) التي تقوم بدورها (جودي فوستر) التي في طريقها أن تمتهن البغاء، و يستشعر أنها غير راضية عن ذلك عندما تحاول أن تهرب من قوادها فيلاحقها و يعطي (ترافيس بيكل) الورقة النقدية الخضراء التي تذكره دائما بانحطاط مدينته الفاجرة!!
يقرر (ترافيس ) أن تكون قضيته و حربه المقدسة هي (آيريس) فيذهب إلى بيت الدعارة الذي تعمل فيه و يختارها دونا عن الأخريات و يتكلم معها عن محاولة تخليصها مما هي فيه.

يُحزم (ترافيس) أمتعته و يُدَجج نفسه بالأسلحة ليبدأ بعدها حربه المقدسة التي سيلفظ فيها كل ما اعتمل في صدره منذ جاء من حرب فيتنام ...
يقتحم (ترافيس) بيت الدعارة الذي تعمل فيه (آيريس) ؛ ليخلصها من قواديها ، فتدور مذبحة كبيرة تنتهي بموت الجميع و إصابة (ترافيس) في رقبته و أماكن متفرقة من جسده و الدم يملأ جسده بالكامل ، فتأتي الشرطة بعده ، فينظر إليها ساخرا و على شفتيه الابتسامة اللامبالية و يصنع مسدسا خياليا من إصبعي كفه و ينفخ ساخرا:
 بوووووف

و على شفتيه السؤال التالي :
 لماذا دائما تأتون متأخرين؟




يتحول بعدها (ترافيس) إلى نجم في الصحف و المجلات متحاكية ببطولته التي خلّص فيها الفتاة آيريس من سلاسل قواديها ، وتبعث إليه أسرتها خطابا شاكرة فيه ما فعله من أجل ابنتهم.

ثم يركب التاكسي لنجد أن من تركب في المقعد الخلفي (بيتسي) الفتاة التي رفضته في أول الأحداث ، والتي فجرت فيه بركان الغضب المختزن تجاه فساد مدينته ....فتنظر إليه الآن بامتنان بعدما صار بطلا ، فتعطيه أجرته مبتسمة ، فيبادلها الابتسامة و يصفر العداد و لا يأخذ منها الأجرة..

و لا نعلم هل هذا المشهد حقيقي أم هكذا تمنى و هو في غمرة الهذيان أثناء موته في بيت الدعارة بعدما أنهى حربه المقدسة ؟!!

الإجابة متروكة لكم.

 




Post a Comment

أحدث أقدم